مقالاتالشاشة المتحركة

زكريا نمر يكتب رسالة إلى قادة الحرب في السودان.

الخميس 30 أكتوبر 2025. 2:25 صباحا

إلى كل من يمسكون البندقية، وإلى كل من يقررون مصير الناس من خلف المتاريس، أكتب إليكم ليس بدافع السياسة، ولا بدافع لوم، بل من قلب سوداني موجوع يرى وطنه يتآكل يومًا بعد يوم.

الإنسان السوداني لم يكن يوما جزءا من هذا الصراع الذي اخترتموه. هو ضحية، لا مقاتل. هو من يموت في صمت، من يقتاد من بيته وأرضه، بينما تستمر أصوات البنادق في فرض واقع يُمزق الحلم من القلب. كل مدينة وقرية شهدت الحرب تركت خلفها رماد البيوت، أطفالًا بلا آباء، ونساء تنتظرن أبناء لن يعودوا. لقد أجرمتم بحق المدنيين العزل، بحق أحلامهم البسيطة، بحق وطن لم يطلب أكثر من السلام.

اليوم، تشهد الفاشر ومعها دارفور وكردفان والنيلين، جرائم واضحة لا يمكن إنكارها. الدماء تسفك بلا حساب، والأرض تحترق، والناس يهجرون من ديارهم. ألم تتعبوا من صور الموت؟ ألم تشعروا بالخزي حين ترى السوداني يقتل أخاه؟ أوقفوا هذه الحرب. أوقفوا هذا العبث الذي لا يولد إلا الخراب. الوطن لا يبنى بالرصاص، بل بالحوار. لا يصان بالقوة، بل بالعدالة. تذكروا أن التاريخ لا يرحم، وأن الأجيال القادمة ستسأل أين كانت إنسانيتكم حين احترق الوطن؟ افتحوا باب السلام، ولو من نافذة صغيرة. دعوا بصيص الأمل يطفئ نار الكراهية، ودعوا دماء الأبرياء تكون آخر ما يُسفك على هذه الأرض الطيبة، التي لم تعرف سوى التسامح والكرم والإنسانية.

نداء وطني.

يا قادة الحرب، توقفوا وتأملوا الخراب الذي خلفتموه.

انظروا إلى وجوه الأطفال التي فقدت ابتساماتها، وإلى الأمهات التي فقدت أبناءها. تذكروا أن السودان لا يحتاج لمزيد من القادة، بل لأرواح ضمير تعيد للإنسان كرامته، وللوطن سلامه. قد تكون في أيديكم البندقية اليوم، لكن في أيدي الشعب غدا كلمة الحق التي لا تهزم. اختروا أن تُكتب أسماؤكم في صفحات السلام، لا في قوائم العار.

ما زال هناك وقت لتكفير الذنب، وما زال في هذا الوطن نبض يستحق الحياة.

الاثنين/ أكتوبر 2025م

#زكريا_نمر كاتب و ناقد