العرش نيوز الحدث لحظة بلحظة
العرش نيوز ـ تاريخ :
ﺗﻜﺎﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺗﺠﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻲ ﻣﻬﺪ ﻭﻣﻨﻄﻠﻖ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺣﻮﻝ ﻧﻈﻢ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭﺳﺒﻞ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻴﻪ .
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻗﺪ ﺷﻬﺪﺕ ﺗﻄﻮﺭﺍ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﻭﺧﻠﻔﺖ ﻛﺘﺎﺑﺎﺕ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻧﻈﻤﻬﺎ ﻭﻗﻮﺍﻧﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺿﺢ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺎﺩﺕ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﺎ ، ﻭﺗﺮﻛﺖ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻟﻠﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻤﺎ ﺷﻬﺪﻩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻣﻦ ﺗﻄﻮﺭ ﻭﻣﺎ ﻋﺮﻓﺘﻪ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻣﻦ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ . ﺗﻌﺪ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺑﻼﺩ ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻋﺮﻕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺯﺩﻫﺮﺕ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ﻣﺘﺄﺛﺮﺓ ﺑﺎﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻛﺎﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻴﻨﻴﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ .
ﻋﺮﻑ ﺳﻜﺎﻥ ﺑﻼﺩ ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ ﺑﺎﻟﻬﻠﻴﻠﻴﻦ ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ hellas ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻪ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺤﺪﺭﻭﻥ ﻣﻨﻪ ، ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻣﻘﺴﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻳﻼﺕ ﺳﻤﻴﺖ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ Polis ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻨﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ، ﻭﺍﻟﻘﺮﻯ ﺍﻟﻤﺘﺠﻤﻌﺔ ﺣﻮﻝ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ، ﻣﺜﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃﺛﻴﻨﺎ ، ﻭﻣﺪﻳﻨﺔ ﺇﺳﺒﺮﻃﺔ ، ﺣﻴﺚ ﺷﻜﻠﺖ ﺩﻭﻟﺔ ” ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ” ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺃﻣﻮﺭ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ، ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﻮﺍﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻬﺪﺕ ﻟﻈﻬﻮﺭ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺣﻜﻢ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ” ﺍﻟﺸﻌﺐ ” ﻓﻲ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ، ﺃﻭ ﻣﺎ ﺳﻤﻲ ﺏ demos-kratos ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ ﺣﻜﻢ – ﺍﻟﺸﻌﺐ .
ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ :
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﻟﻠﺴﻜﺎﻥ ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻃﺒﻘﺎﺕ :
1 ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻮﻥ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ : ﻭﺗﺸﻤﻞ ﻓﻘﻂ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺃﺻﻞ ﺃﺛﻴﻨﻲ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺗﺤﻜﻢ ﻭﺗﺴﻴﺮ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ، ﻟﻤﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺆﻫﻼﺕ ﻭﻣﻘﺪﺭﺍﺕ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻭﺑﺪﻳﻨﺔ ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﺛﻴﻨﻴﻮﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻟﻜﻞ ﻓﺌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﺩﻭﺍﺭﻫﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻣﺆﻫﻼﺗﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺪﻧﻴﺔ ، ﻓﺌﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻗﻞ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺘﻜﺮ ﻣﻠﻜﻴﺎﺕ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﻭﺍﻟﻤﺎﻝ ، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﻣﺘﻔﻘﻴﻦ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻤﺜﻠﻰ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ .
2 ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ : ﻫﻢ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺎﺭﺳﻮﻥ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺃﺛﻴﻨﺎ ﻭﻫﻢ ﺃﺣﺮﺍﺭ ﻟﻴﺴﻮ ﻋﺒﻴﺪ ، ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﺃﻱ ﺣﻘﻮﻕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻻ ﻳﺸﺎﺭﻛﻮﻥ ﻓﻲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ، ﻭﺑﻘﺎﺅﻫﻢ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺤﺴﻦ ﺗﺼﺮﻓﻬﻢ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ .
3 ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ : ﻃﺒﻘﺔ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻻ ﺣﻘﻮﻕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻻ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻴﺶ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭﺇﺷﺒﺎﻉ ﺣﺎﺟﻴﺎﺗﻬﺎ ، ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺎﻷﺷﻐﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻗﺔ ﻭﻻ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ .
ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ : ﻋﻤﻠﺖ ﺍﻟﺪﻭﻳﻼﺕ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﻛﺘﻔﺎﺀﻫﺎ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻳﻼﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻳﻼﺕ ﺗﻠﺠﺊ ﻟﻠﺤﺮﻭﺏ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻜﺎﺳﺐ ﻭﺍﻟﻤﻐﺎﻧﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ، ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﻭﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ .
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺩﺍﺧﻞ ﺩﻭﻳﻠﺔ ﺃﺛﻴﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ ” ﺻﻮﻟﻮﻥ ” Solon 594 ﻕ . ﻡ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻤﻨﻊ ﻛﻞ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻓﺴﺘﻬﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺹ ﻟﻜﺴﺐ ﻣﻠﻜﻴﺎﺕ ﺃﻭ ﺗﻮﺳﻴﻌﻬﺎ .
ﻋﻤﻠﺖ ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ ” ﺻﻮﻟﻮﻥ ” ﻋﻠﻰ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺮﻕ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺪﻳﻮﻥ ، ﻭﺟﻌﻞ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻠﻜﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﺩ ، ﻟﻘﺪ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻷﺛﻴﻨﻲ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ .
ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ : ﻳﺒﺮﺯ ﺗﺄﺛﺮ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ ﺑﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺎﺩﺕ ﺃﺛﻴﻨﺎ ﻭﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻷﺧﺮﻯ ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﺃﺳﺎﺳﻬﺎ ﺗﺼﻮﺭ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻵﻟﻬﺔ ، ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻟﻜﻞ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺇﻟﻪ ، ﻭﻟﻜﻞ ﺷﻬﺮ ﺁﻟﻬﺔ . ﻋﺮﻓﺖ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ ﻧﻬﻀﺔ ﺃﺩﺑﻴﺔ ﻭﻓﻨﻴﺔ ﺗﺠﻠﺖ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰﺓ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﻟﺨﻄﺎﺑﺔ ﻭﻓﻦ ﺍﻟﻤﺴﺮﺡ ﻭﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ، ﻛﻤﺎ ﺃﺑﺪﻋﻮﺍ ﻓﻲ ﻓﻨﻮﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ، ﺍﻟﻨﺤﺖ ، ﻭﺍﻟﻔﻠﻚ .
ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ : ﻟﻘﺪ ﺷﻜﻠﺖ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ “Polis” ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻺﻏﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻀﺎﺀ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮﺓ ﻓﻲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ، ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺛﻴﻨﻴﻴﻦ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ﻓﻘﻂ ، ﻭﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﻮﺍﺿﺤﺔ ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﺴﺪ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻞ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﺒﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﺑﺎﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ، ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻇﻬﺮ ﺗﻌﺒﻴﺮ ” ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ – ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ “، ﺃﻭ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ . ﺇﻥ ﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﻣﻴﺰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃﺛﻴﻨﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻭﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﺘﺄﻣﻞ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ .
ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ : ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺃﺛﻴﻨﺎ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻓﻲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻮﻥ ﻳﺤﻀﺮﻭﻥ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻴﻨﺎﻗﺸﻮﺍ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻳﺘﺨﺬﻭﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ . ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ :
ﺃ . ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ” ﺍﻹﻛﻠﻴﺰﻳﺎ “: ﺗﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﻠﻐﻮﺍ ﺳﻦ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ، ﺗﻤﺜﻞ ﺃﻋﻠﻰ ﺳﻠﻄﺔ ، ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻋﺸﺮ ﻣﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ، ﻣﻦ ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ، ﻭﺗﻌﻴﻴﻦ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻴﻦ .
ﺏ . ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﻲ : ﺃﻭ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺨﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻳﺸﺒﻪ ﻓﻲ ﻣﻬﺎﻣﻪ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ، ﻳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻋﻀﻮ ، ﻳﻤﺜﻠﻮﻥ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻷﺛﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺸﺮﺓ . ﻣﻦ ﻣﻬﺎﻣﻪ ﺗﺤﻀﻴﺮ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ، ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ، ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺤﺮﺏ ، ﺗﻮﻗﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﻫﺪﺍﺕ ﻭ ﻓﺮﺽ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ .
ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﺸﻜﻞ ﺟﺰﺀﺍ ﺭﺋﻴﺴﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺃﺛﻴﻨﺎ ، ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﺴﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻞ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ، ﻭﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ .
ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎﺕ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻭﺃﺭﺳﻄﻮ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺰﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻜﺲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻠﻐﻪ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺃﺛﻴﻨﺎ ، ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻹﺳﻬﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻬﺎﻣﺔ ﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺴﻔﺴﻄﺎﺋﻴﻴﻦ ، ﻭﻓﻠﺴﻔﺔ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻔﺮﻉ ﻋﻨﻪ ﻓﻜﺮ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻭﺃﺭﺳﻄﻮ ، ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻝ ” ﻓﺎﻟﻴﺎﺱ “، ” ﻫﻴﺒﻮﺩﺍﻣﺎﺱ ” ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ .
ﺃﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻔﺴﻄﺎﺋﻴﻴﻦ Sophists :
ﻧﺸﺄﺕ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺴﻔﺴﻄﺎﺋﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺃﺛﻴﻨﺎ ﻟﺘﻠﺒﻴﺔ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ . ﺟﺎﺀﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺛﻴﻨﺎ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ” ﺑﺮﻭﺗﺎﺟﻮﺭﺍﺱ ” ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ” ﺑﺮﻛﻠﻴﺲ ” ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻠﻘﻨﻮﻥ ﺩﺭﻭﺱ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﺨﻄﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺠﺪﻝ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺑﻌﺾ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ، ﺣﻴﺚ ﺍﻋﺘﺒﺮﻭﺍ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻣﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ ، ﻭﺭﺃﻭﺍ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ، ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻣﺴﺘﻤﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺠﺴﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﻗﻮﺓ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ . ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻓﻲ ﺭﺃﻳﻬﻢ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻷﻗﻮﻳﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ، ﻓﻤﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻳﺼﻨﻌﻪ ﺍﻷﻗﻮﻳﺎﺀ . ﻭﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺀ ﻭﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺴﻔﺴﻄﺎﺋﻴﻴﻦ ﺗﻜﺸﻔﻬﺎ ﻣﺤﺎﻭﺭﺍﺕ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺟﺮﺍﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺳﻘﺮﺍﻁ .
ﺳﻘﺮﺍﻁ Socrates 469-399 ﻕ . ﻡ :
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻷﺛﻴﻨﻲ ، ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﻷﻓﻼﻃﻮﻥ ﻭﻣﻨﻪ ﺍﺳﺘﻠﻬﻢ ﺃﻫﻢ ﺃﺳﺲ ﻓﻜﺮﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﻬﺎﺕ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ . ﺍﻫﺘﻢ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ ﺑﺎﻟﻜﻮﻥ ، ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ . ﺭﺃﻯ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻤﻜﻨﺔ ، ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺳﻮﻯ ﻧﻔﺴﻪ ، ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺟﺎﺀﺕ ﺩﻋﻮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺪﺭﻙ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ” ﺃﻋﺮﻑ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﻨﻔﺴﻚ “، ﻳﻘﻮﻝ ﺳﻘﺮﺍﻁ “… ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷﺛﻴﻨﻴﻮﻥ … ﺇﻥ ﺷﻐﻠﻲ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺃﺳﻴﺮ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﻟﻜﻲ ﺃﻗﻨﻌﻜﻢ ﺷﺒﺎﺑﺎ ﻭﺷﻴﻮﺧﺎ ﺑﺄﻥ ﻻ ﺗﻬﺘﻤﻮﺍ ﺑﺄﺟﺴﺎﺩﻛﻢ ﻭﺛﺮﻭﺍﺗﻜﻢ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻬﺘﻤﻮﻥ ﺑﺸﻐﻒ ﻧﻔﻮﺳﻜﻢ ﻟﺘﺠﻌﻠﻮﻫﺎ ﻃﻴﺒﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ … “.
ﻋﺎﺻﺮ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﺍﻟﺴﻔﺴﻄﺎﺋﻴﻴﻦ ﻭﻋﺎﺭﺽ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻢ ﻭﺗﺼﻮﺭﺍﺗﻬﻢ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﺭﺃﻯ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻻ ﺗﻨﻔﺼﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ، ﻭﺩﻋﺎ ﺇﻟﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﻭﺇﺳﻨﺎﺩ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ . ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻦ ﻭﺣﻜﻤﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﻨﺘﻘﺪ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﺑﺎﻟﻘﺮﻋﺔ ﺑﻞ ﻳﺆﻳﺪ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻭﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ .
ﻳﻌﺒﺮ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺃﺳﺲ ﻟﻠﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻲ ، ﺃﻱ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺠﺮﺩﺓ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺒﺮﻯ ﻭﻣﻘﺪﻣﺔ ﺻﻐﺮﻯ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ .
ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ Plato 427-347 ﻕ . ﻡ :
ﻓﻴﻠﺴﻮﻑ ﻣﺜﺎﻟﻲ ﻭﻣﻔﻜﺮ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻳﻮﻧﺎﻧﻲ ، ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻫﺘﻤﻮﺍ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻧﻈﻢ ﺍﻟﺤﻜﻢ ، ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺇﺭﺳﺎﺀ ﺍﻟﺪﻋﺎﺋﻢ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ .
ﺗﺸﻴﺮ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻭﻟﺪ ﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺃﺭﺳﺘﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺛﺮﻳﺔ ﺷﺮﻳﻔﺔ ﺍﻟﻨﺴﺐ ، ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻣﻴﻮﻝ ﻭﻣﻄﺎﻣﺢ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺒﺮﻯ ﻓﻲ ﺷﺒﺎﺑﻪ . ﻻﺯﻡ ﻣﻌﻠﻤﻪ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﺗﺄﺛﺮ ﺑﺄﻓﻜﺎﺭﻩ ﻭﻣﺬﻫﺒﻪ .
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺄﺳﺎﻭﻳﺔ ﻟﺴﻘﺮﺍﻁ ( ﺍﻹﻋﺪﺍﻡ ) ﺳﺒﺐ ﻓﻲ ﻋﺰﻭﻑ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ، ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺗﻤﻴﺰﺕ ﺑﺎﻟﺤﺮﻭﺏ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ، ﻣﻤﺎ ﺩﻓﻊ ﺑﺄﻓﻼﻃﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﺃﺛﻴﻨﺎ ﺳﻨﺔ 399 ﻕ . ﻡ ﻭﺍﻟﺘﻨﻘﻞ ﻋﺒﺮ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﺛﻴﻨﺎ . ﺗﻤﻴﺰﺕ ﺣﻴﺎﺓ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﺑﺤﺪﺛﻴﻦ ﻫﺎﻣﻴﻦ :
ﺍﻷﻭﻝ ﺗﺄﺳﻴﺴﻪ ﻟﻸﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ( ﻛﺎﻳﻤﻮﺱ ) ﺳﻨﺔ 388 ﻕ . ﻡ ﻭﻫﻲ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺃﻥ ﻳﺪﺭﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻟﻴﻌﺪ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻷﺛﻴﻨﻲ ﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ .
ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺍﺣﺘﻜﺎﻛﻪ ﺑﻤﻠﻚ ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ” ﺩﻳﻮﻧﻴﺴﻮﺱ ” ﺣﻴﺚ ﺍﻋﺘﺒﺮ ﻋﻤﻠﻪ ﻟﺪﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﺠﺴﻴﺪ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻜﻤﺘﻴﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ، ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤﻬﻤﺎ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ﺑﺄﻓﻼﻃﻮﻥ ﺃﺳﻴﺮﺍ ﻟﺪﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻠﻚ .
ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻷﻓﻼﻃﻮﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻤﺘﻌﻔﻦ ﻭﺗﺠﺴﺪﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ . ” ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ “، ” ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ “، ” ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ “.
ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ : ﻳﻠﺨﺺ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺃﻫﻢ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻷﻓﻼﻃﻮﻥ ﻭﻫﻮ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﺤﺎﻭﺭﺓ ﻳﺠﺮﻳﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻣﻌﻠﻤﻪ ﺳﻘﺮﺍﻁ ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺗﺨﺺ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ : ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ، ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ، ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﺨﻴﺮ ، ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ . ﻭﻳﺮﻛﺰ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺆﻟﻔﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻼﺯﻡ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ .
ﺣﺎﻭﻝ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻔﺴﻄﺎﺋﻴﻴﻦ ﻣﻨﺘﻘﺪﺍ ﺗﺼﻮﺭﻫﻢ ﻟﻠﻌﺪﺍﻟﺔ ( ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻷﻗﻮﻯ ، ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻫﻮ ﺍﻷﻗﻮﻯ ﻓﺎﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺗﺴﻴﺮ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺤﻪ ) ، ﺣﻴﺚ ﻳﺮﻯ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻫﻲ ﻗﻴﺎﻡ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻮﺍﺟﺒﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻛﻤﻞ .
ﻛﻤﺎ ﺧﺼﺺ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ” ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ” ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻮﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ، ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻃﺒﻘﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻜﻞ ﻃﺒﻘﺔ ﺃﺩﻭﺍﺭ ﺃﻭ ﻣﻬﺎﻡ ﺗﺘﻄﺎﺑﻖ ﻣﻊ ﻣﺆﻫﻼﺗﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺗﻬﺎ ( ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ) .
ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ : ﻫﻢ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻟﻤﺘﺼﻔﻮﻥ ﺑﺎﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻳﺪﻳﺮﻭﻥ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ .
ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﻴﻦ : ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﺮﻓﻴﻮﻥ ﻣﻬﻤﺘﻬﻢ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﺣﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ .
ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﺠﻨﺪ : ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﺣﺮﺍﺳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻨﻬﺎ .
ﻳﺤﺘﻞ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺟﺰﺀ ﺑﺎﺭﺯﺍ ﻣﻦ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺕ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻭﺭﺍﺗﻪ ﺣﻴﺚ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺰﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ، ﺇﺫ ﻗﺴﻢ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺮﻳﺔ ﻭﺣﺪﺩ ﻟﻜﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺪﺭﺳﻬﺎ .
ﻣﻴﺰ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺑﻴﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ :
ﺃﻭﻟﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ : ﺇﻥ ﻗﻴﺎﻡ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻫﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻟﻤﺆﻫﻠﻴﻦ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ . ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻻ ﻳﺴﻌﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﻓﺮﺩﻳﺔ ، ﺑﻞ ﻫﻤﻬﻢ ﻫﻮ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ، ﻓﻬﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭﺍﺟﺐ ﻻ ﻣﻔﺮ ﻣﻨﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺷﺮﻓﺎ .
ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻓﻲ ﺟﻤﻬﻮﺭﻳﺘﻪ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﻳﺤﻤﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻟﻜﻮﻧﻬﻢ ﺃﺩﺭﻯ ﺑﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻫﻢ ﺃﻭﻟﻰ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ .
ﺑﻌﺪ ﺯﻭﺍﻝ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺗﺘﻮﺍﻟﻰ ﺣﺴﺐ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﻻ ﺗﺤﻘﻖ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻷﻣﺜﻞ ﻟﻠﻌﺪﺍﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ :
– ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻴﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ Timocratie ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺗﻨﺸﺄ ﻣﻦ ﺗﺨﻠﻲ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻮﻟﻮﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻴﻞ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﻟﻜﺴﺐ ﺍﻟﻤﻐﺎﻧﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ .
– ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻭﻟﻴﺠﺎﺭﺷﻴﺔ Oligarchie ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺃﻗﻠﻴﺔ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ ﺍﻟﻄﺎﻣﺤﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﺮﻭﺍﺕ ، ﺗﺘﻮﻟﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﺠﺪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﻜﺎﺳﺐ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ، ﻳﻘﻞ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﻳﺰﺩﺍﺩ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺎﻝ .
– ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﺣﻴﻦ ﺗﺜﻮﺭ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺿﺪ ﺣﻜﻢ ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﻭﺗﻘﻴﻢ ﻧﻈﺎﻡ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ، ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺳﺘﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻓﻮﺿﻰ ﻳﺼﻌﺐ ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ .
– ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻄﻐﻴﺎﻥ ﺗﻨﺸﺄ ﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺘﻄﺮﻑ ﻓﻲ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺆﺩﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ، ﺣﻴﺚ ﻳﻈﻬﺮ ﺷﺨﺺ ﺍﻟﻤﻨﻘﺬ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ، ﻟﻜﻨﻪ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻃﺎﻏﻴﺔ ﻣﺴﺘﺒﺪ ﺣﻴﻦ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ .
” ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ “: ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﺤﺎﻭﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺗﺤﻮﻝ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ، ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻭﺳﻄﻰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ﻓﻲ ” ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ” ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻲ ﻓﻲ ” ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ “.
ﻧﺎﻗﺶ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻭﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺃﻭ ﺭﺟﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ، ﻛﻤﺎ ﺗﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺃﻭ ﺭﺟﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺑﻤﺠﺎﻝ ﺍﻟﺤﻜﻢ ، ﺣﻴﺚ ﻇﻞ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻫﻮ ﺣﺎﻛﻤﻬﺎ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺍﻓﺮ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺗﻮﻓﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺺ ﺍﻟﻤﺰﻭﺩ ﺑﻤﻌﺎﺭﻑ ﺣﻮﻝ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻛﺒﺪﻳﻞ .
ﻳﻘﺪﻡ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻓﻲ ” ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ” ﺗﻘﻴﻢ ﺁﺧﺮ ﻷﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ : ﺣﻴﺚ ﻳﺤﺪﺩ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺻﺎﻟﺤﺔ : ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ، ﺍﻷﺭﺳﺘﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ، ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﺪﻟﺔ . ﻭﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻏﺮ ﺻﺎﻟﺤﺔ : ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻄﻐﻴﺎﻥ ، ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻭﻟﻴﺠﺮﺷﻴﺔ ، ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻄﺮﻓﺔ .
” ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ “: ﻛﺘﺐ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻣﺤﺎﻭﺭﺓ ” ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ” ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺘﺄﺧﺮﺓ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﺣﻴﺚ ﻛﺘﺒﻪ ﺑﻌﺪ ﺣﻮﺍﻟﻲ 30 ﺳﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﺤﺎﻭﺭﺓ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ، ﻭﺗﺒﺪﻭ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ، ﺇﺫ ﻳﻘﺮ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﺧﻀﻮﻉ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ﻣﺜﻞ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺣﻴﺚ ﺍﻋﺘﺒﺮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ . ﻓﻼﺑﺪ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻴﻪ . ﺃﻣﺎ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺟﺤﻪ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ” ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ” ﻫﻮ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﻭﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ ، ﻓﺘﻘﻮﻡ ﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺗﻌﺪﻝ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ، ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺃﺳﺴﻬﺎ ﺇﻻ ﺑﺘﻮﻓﺮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ :
1 ﺷﺮﻭﻁ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﺎﺩﻳﺔ : ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺔ ، ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺨﺼﺒﺔ ، ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﺍﻟﺤﺼﻴﻦ ،…
2 ﻧﻈﺎﻡ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ : ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ، ﻧﻈﺎﻡ ﺃﺳﺮﻱ ، ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻃﺒﻘﻲ …
3 ﻧﻈﺎﻡ ﺗﻌﻠﻴﻤﻲ : ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ .
ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻃﺎﻟﻴﺲ 384 – 322 ﻕ . ﻡ :
ﻓﻴﻠﺴﻮﻑ ﻳﻮﻧﺎﻧﻲ ، ﻣﻔﻜﺮ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻭﻋﺎﻟﻢ ﻣﻮﺳﻮﻋﻲ ، ﻣﺆﺳﺲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻭﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﻓﺮﻭﻉ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ، ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﻋﻠﻤﻴﺎ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻧﺔ ، ﻋﺮﻑ ﺑﻨﺰﻋﺘﻪ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﻤﻌﻠﻤﻪ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﺫﻭ ﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ . ﻭﻟﺪ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻭﻧﻴﺎ ﺳﻨﺔ 384 ﻕ . ﻡ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺷﺮﻳﻔﺔ ، ﺩﺭﺱ ﻓﻲ ﺃﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻭﺗﺄﺛﺮ ﺑﺄﻓﻜﺎﺭﻩ ، ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﺭﺣﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺪﻭﻧﻴﺎ ﻟﻴﺪﺭﺱ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭ ﺍﻟﻤﻘﺪﻭﻧﻲ ، ﺛﻢ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﺛﻴﻨﺎ ﻟﻴﻔﺘﺘﺢ ﻣﺪﺭﺳﺘﻪ ، ﺗﻮﻓﻲ ﺳﻨﺔ 322 ﻕ . ﻡ .
ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻣﻨﻬﺠﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺗﺤﻠﻴﻞ ﺃﺣﺪﺍﺛﻪ ، ﺩﺭﺱ ﻭﻗﺎﺭﻥ ﺑﻴﻦ 158 ﺩﺳﺘﻮﺭ ﻳﻮﻧﺎﻧﻲ ، ﺣﻴﺚ ﻗﺎﺭﻥ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﻛﻞ ﺩﻭﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻳﻼﺕ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ، ﻣﻌﺘﻤﺪﺍ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﺳﺎﺗﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ، ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ، ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﺛﻢ ﻭﺿﻊ ﻧﺘﺎﺝ ﻭﻗﻮﺍﻋﺪ ﻋﺎﻣﺔ . ﺃﻟﻒ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ : ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ، ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ، ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﺎ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻹﻟﻬﻲ ، ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ .
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﺭﺳﻄﻮ ﻫﻲ ﻓﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻤﺪ ﺃﺻﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﺑﻪ ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺠﺪﻳﺮﺓ ﺑﺎﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ . ﺟﺎﺀﺕ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻷﺭﺳﻄﻮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺪﺳﺎﺗﻴﺮ .
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﺭﺳﻄﻮ ﻛﺎﺋﻦ ﻣﺪﻧﻲ ﺃﻭ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﻳﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ . ﻭﺍﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ، ﺣﻴﺚ ﺗﻠﺒﻲ ﺍﻟﺤﺎﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﻠﻔﺮﺩ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺃﻭﻟﻰ ﻟﻜﻦ ﺗﻄﻮﺭ ﺣﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻭﻋﺠﺰ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻋﻦ ﺗﻠﺒﻴﺘﻬﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺗﺠﻤﻊ ﺍﻷﺳﺮ ﻣﻜﻮﻧﺔ ﻗﺮﻳﺔ .
ﻭﺇﺫﺍ ﺗﻌﺪﺩﺕ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻭﺍﺣﺘﺎﺟﺖ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺛﻤﺮﺕ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻷﺳﻤﻰ . ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺭﺳﻄﻮ “.. ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻫﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﻃﺒﻴﻌﺔ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻫﻲ ﻏﺎﻳﺘﻪ . ﻭﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻭﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻫﻮ ﺧﻴﺮﻩ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﻏﺎﻳﺔ ﻭﺧﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺠﻮﺩﺓ ” ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﺮﻋﺎﻳﺎﻫﺎ ﺣﻴﺚ ﻳﺮﺑﻂ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ﻭﺑﺎﻷﺧﻼﻕ .
ﻭﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﻣﻌﻠﻤﻪ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻓﻘﺪ ﺗﺼﻮﺭ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﺃﻳﻀﺎ ﺷﺮﻭﻃﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ :
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺇﺫ ﻳﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻜﻔﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺩﻭﻥ ﺇﺳﺮﺍﻑ ، ﻭﻫﻮ ﺿﺪ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﻣﻴﺔ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ( ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ) .
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﻮﻗﻊ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﻪ ﺗﺮﺑﺔ ﺧﺼﺒﺔ ﻭﻳﺴﺘﺤﺴﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻣﻨﻔﺬ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺣﺼﻴﻨﺎ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ .
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ، ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﺪﺩﻫﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺪ ﺍﻷﺩﻧﻰ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺪ ﺍﻷﻗﺼﻰ ( 100 ﺃﻟﻒ ) ﻓﻴﺨﺘﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻭﻳﺘﻌﺬﺭ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ، ﻭﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪ ﻳﺠﺐ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ( ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺳﻦ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ، ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻤﺸﻮﻫﻴﻦ )
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻩ : ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﻮﻥ ﺑﺘﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ، ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺤﺮﺏ ، ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻷﺛﺮﻳﺎﺀ ، ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ، ﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻭﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ .
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻨﺸﺌﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﺤﺮ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ، ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺴﻢ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﺃﻃﻮﺍﺭ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺮﻳﺔ ﻭﻳﺤﺪﺩ ﻟﻜﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺪﺭﺱ ﺑﻬﺎ .
ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺨﺺ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﻓﻘﺪ ﺃﻛﺪ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻘﻖ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ، ﻭﻣﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺑﻴﻦ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻭﺃﺧﺮﻯ ﻓﺎﺳﺪﺓ .
ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ :
1 ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ : ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﻝ .
2 ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﺭﺳﺘﻘﺮﺍﻃﻴﺔ : ﻭﻫﻲ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﺃﻱ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻜﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ .
3 ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻸﻏﻠﺒﻴﺔ ، ﺗﺴﻮﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺗﺤﻘﻖ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﺎﻡ .
ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﻫﻲ :
ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻄﻐﻴﺎﻥ : ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺪ ﺍﻟﻄﺎﻏﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﺓ .
ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻭﻟﻴﺠﺎﺭﺷﻴﺔ : ﺣﻜﻢ ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺍﻋﻲ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ
