الخميس , أبريل 25 2024

بلد الكلاشينكوف

كتب  الصحفي راجي عمار  للمصدر اونلاين

أوجاعنا تتضاعف يوماً بعد يوم ، لا شيئ يعلو فوق صوت البارود ، ولا أمل نعيشه سوى روائح الموت والقتل في كل جنبات اليمن ، بلدٌ يشيب ويهرم في فترة قياسية ، عاجزٌ عن حمل مواطنيه الا في مكان واحد فقط هو القبر ، وطنٌ إعتاد وصار نهماً بقضم أبنائه وامتصاص دمائهم وليته يرتوي ..

بلدٌ تزدهر فيه المقابر ويتصدر اللصوص وقطاع الطرق ، ويبلغ المنحطون قمم الثراء ، ولاشيئ أرخص ثمناً فيه سوى الإنسان ، والأغلى ثمناً هو السلاح ، وحين يصير السلاح أغلى من سعر الإنسان كيف يطيب لنا المُقام ؟!

بلدٌ توقفت فيه عقارب الساعة ، وتدحرجت عجلة الزمن في دوران للوراء في أول سابقة بتاريخ البشر ، بلدٌ يجب أن تعيش فيه مفتوح العينين واصبعيك باب اذنيك من صوت الرصاص خائفاً تترقب ، تمضي يومك تعد أسلحة الكلاشينكوف على أكتاف المارة ، وقّل أن تجد ماراً بكتفٍ فارغ الا ماندر ، جعلنا من ذلك ثقافةً وعنواناً بل ورمزاً للرجولة والبطولة المثيرة للإشمئزاز والشفقة في آن .. تباً لها من رجولة وسُحقاً لها من ثقافة ..

آباء يتفاخرون بزواج أبنائهم المبكر كونهم صاروا رجالاً يحملون الكلاشينكوف ، فيما تحمل جذورهم الجينية كمّاً هائلاً من الغباء وقلة الوعي ، ليصبحوا وبالاً وخطراً على مجتمعهم وكل من حولهم بقصدٍ أو بدون قصد ، وتلكم هي الكارثة ، حين تصبح أرواح من حولنا عرضةً للإستهتار ومنطلقاً لتجارب الرجولة الزائفة..

بلدٌ يتناسل الشر فيه اشكالاً مريعة أشبه بأفلام الخيال ، وتلك حقيقة مطلقة يجب الإعتراف بها جملة وتفصيلاً ، وعِوضاً عن غرس الكلمات المثمرة في عقول أبنائنا وتعليمهم كي يصنعوا مجداً ، غرسنا فيهم حب السلاح وعلمناهم سباق فك الكلاشينكوف وإعادة تركيبته في أسرع وقت ، لتسرق الرصاصات الطائشة منه أرواح من يتواجدون في ذات المكان ، وتلك هي أعلى درجات الرجولة بنظرنا ،!
أي منحدر وصلت إليه بلد الكلاشينكوف ؟ سقوط بلا قاع نحو الهاوية لتتخطفها الطير ، أو تهوي بها الريح في مكانٍ سحيق ..

لذلك لاغرابة أن يتناثر أبناء اليمن في كل أصقاع المعمورة هروباً من واقعٍ أقل ما يمكن وصفه بحياة الجحيم ،!
يستحيل لأي بلدٍ الاستقرار والنماء ، ومخازن البارود تتساقط فوق رؤوس أهله كأسراب الجراد ..

  

شاهد أيضاً

وزير الصحة يلتقي سفيرة مملكة هولندا ويبحث معها سبل دعم القطاع الصحي

العرش نيوز – متابعات: بحث وزير الصحة العامة والسكان الدكتور قاسم بحيبح ، اليوم، بالعاصمة …

اترك رد

اكتشاف المزيد من العرش نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading